
القاضي إياد محسن ضمد: الفقراء كضحايا للجرائم
الفقر هو أن لا تقدر على تلبية احتياجاتك الأساسية في الحياة، صعوبة ان تحصل على مأوى او مأكل وتجد أن أبواب التعليم والعلاج والوظيفة أغلقت بوجهك، والفقر في حقيقته هو أوضح أشكال الإقصاء عن الحياة العادية التي يعيشها باقي الأفراد، وبتوصيف أدق فإن الفقر هو أن تُجرَّد من خياراتك وأن تبحث عن النجاة لا عن الحياة، لأجل ذلك نجد الفقراء هم الأكثر عرضة للاستغلال وهم الأكثر من بين ضحايا الجرائم.

صحيح أن الكثير من الدراسات والأبحاث تصور الفقراء وتظهرهم بمظهر الجناة لكن على الجانب الآخر يكون الفقر سببا أساسيا مساعدا لان يصبح الإنسان ضحية لكثير من الجرائم، فخذ مثلا الأطفال المتسولين ممن فقدوا الرعاية الأبوية وممن يعيشون بلا مأوى غالبا ما يكونون عرضة للاستغلال في جرائم الإتجار بالبشر والتسول، وخذ مثلا الفتيات اللاتي يعشن ظروفا اجتماعية صعبة وتغيب عنهن الرعاية الأسرية غالبا ما يتم استغلالهن في جرائم الدعارة، وخذ مثلا الشباب الباحثين عن فرص التوظيف والعمل غالبا ما يكونون ضحايا لجرائم الاحتيال المالي والوعود الكاذبة بالتوظيف لقاء مبالغ مالية، وهكذا تطول قائمة الجرائم التي يكون ضحاياها من الفقراء ومن الباحثين عن فرص الحياة والعمل.
وإزاء كون الفقراء اكثر عرضة ليكونوا ضحايا، فان فرصهم في الدفاع عن انفسهم وتوكيل المحامين اقل بسبب ما يرفق ذلك من نفقات وما يستتبع إقامة الدعاوى والاستمرار فيها من رسوم ومصاريف ولا علاج لضحايا الفقر سوى بنظام عدالة اجتماعية عادل يتخلص من الظلم الاجتماعي مع توفير بعض المساعدات في النظم القانونية كالمعاملة الخاصة للنساء والأطفال والإعفاء من الرسوم القضائية لبعض الشرائح كذلك توفير مكاتب لتقديم المساعدات القانونية المجانية التي يمكن أن يلجأ اليها ضحايا الجرائم من الفقراء للحصول على المعونة في إقامة الدعوى ومتابعتها وآنذاك، فإن العدالة سوف تسير ببعدها الإنساني وليس فقط بعدها القانوني وسوف تكون عدالة منصفة تراعى فيها الظروف الشخصية للأفراد من فقر وحالة اقتصادية واجتماعية وتركز على حماية الضعفاء كالنساء والأطفال لأن العدالة التي لا تراعي ذلك هي عدالة قاسية وليست رحيمة.
Share this content: