
سالم حواس الساعدي: القانون والسياسة ، وعلم النفس
تحالف التاجر البخيل مع السياسي الفاسد: بين الجشع والسلطة ومبدأ العمومي والموضوعي
تمهيد:
في أغلب المجتمعات التي تعاني من الفساد، نرى تحالفات غير مقدسة بين رأس المال الأناني والسلطة الانتهازية. حين يجتمع تاجر بخيل يعبد المال، مع سياسي فاسد يعشق النفوذ، حينذام تتحول الدولة إلى شركة خاصة، والمؤسسات إلى أدوات للنهب، والقانون إلى ستار لشرعنة الاستحواذ.
1. التحليل النفسي: التاجر البخيل والسياسي الفاسد… جشع متبادل :
• التاجر البخيل:
• يعاني من وسواس الفقد، ويخشى المجازفة إلا إذا ضمنت له السلطة ربحًا دون مخاطرة.
• يرى الناس أرقامًا مالية، لا بشرًا.
• يتحالف مع من يُزيل عنه القيود القانونية والضريبية.
• السياسي الفاسد:
• يُعاني من عُقدة السيطرة، ويدمن النفوذ.
• لا يبحث عن الإصلاح، بل عن تمويل مستمر للبقاء.
• يحتاج مالًا لشراء الذمم وتمويل الحملات والتلاعب بالإعلام.
عندما يجتمعان، ينشأ تحالف يقوم على الابتزاز المتبادل:
“أدعمك ماليًا، فامنحني النفوذ والامتيازات”.
“أمنحك النفوذ، فدعني أعبث بالمال العام دون مساءلة”.
2. التحليل القانوني:
انتهاك مبدأ العدالة وتحييد القانون
• هذه الشراكة تضرب جوهر الدولة القانونية، لأنها:
• تُوظف التشريعات لخدمة المصالح الخاصة.
• تُمكّن المحسوبية على حساب الكفاءة.
• تُفرغ آليات الرقابة من محتواها.
وفق القانون الإداري والدستوري: الدولة يجب أن تُدار على أساس المصلحة العامة لا الخاصة.
لكن هذا التحالف يُعيد تعريف “العام” ليخدم “الخاص”.
3. التحليل الاجتماعي:
تفكك الثقة وانهيار العقد الاجتماعي
• المجتمع يرى في هذا التحالف:
• تجسيدًا للظلم الطبقي.
• سرقة مشروعة باسم القانون.
• تحكم المال في القرار السياسي.
النتيجة:
• فقدان الثقة بالمؤسسات.
• انتشار السلبية المجتمعية.
• صعود خطاب الكراهية والعدمية.
4. التحليل السياسي:
احتكار القرار وتزييف الديمقراطية
• السياسي الفاسد يمنح التاجر:
• مناقصات حكومية.
• إعفاءات ضريبية.
• حصانة من الرقابة.
• في المقابل، التاجر يموّل:
• الإعلام الموالي.
• الأحزاب التابعة.
• القمع الناعم للمنافسين.
الديمقراطية تتحول إلى قشرة شكلية، بينما تُدار السلطة كـ “صفقة استثمار”.
5. الربط مع المبدأ التحليلي الفلسفي في الفكر الاخلاقي {العمومي والموضوعي} (Public & Objective)
ما هو هذا المبدأ الذي استخدمه {كانط }{وجون رولز } باختصار؟
• يستخدم هذا المبدأ في تحليل القرارات والسياسات التي يجب أن تكون:
• Public: تصب في المصلحة العامة.
• Objective: مبنية على معايير عادلة ومحايدة.
كيف يُنتهك هذا المفهوم؟
• حين يُوظف القرار لخدمة مصلحة التاجر أو السياسي أو حزبهما فقط، يفقد القرار طابعه:
• العمومي: لأنه يُقصي الآخرين.
• الموضوعي: لأنه مبني على صفقة لا على معايير.
مثال تطبيقي:
“إعفاء ضريبي لشركة يديرها ممول لحملة وزير”
هذا القرار يفشل في اختبار العمومية والموضوعية.
الخاتمة:
من الفساد إلى الإصلاح
• إن تحالف التاجر البخيل مع السياسي الفاسد هو تجسيد لفصل قاتل بين المال والأخلاق.
• الشعوب التي تريد النهوض لا بد أن:
• تفصل بين المال والسياسة.
• تحمّل القانون مسؤوليته في حماية المصلحة العامة .
• محاسبة البخلاء والفاسدين معًا، لا أحدهما فقط في هذه الصفقات .

سالم حواس الساعدي
مستشار قانوني واعلامي
تخصص دقيق عمليات نفسية
Share this content: