
عزيز الدفاعي: بلاد( ما بين النهرين)…. تموت عطشا !!!!
يبدو أن أزمة خور عبد الله طغت على كثير من القضايا المصيرية التي يواجهها العراق، وفي مقدمتها أزمة شح المياه، التي تنذر بكارثة بيئية وزراعية وبشرية وأمنية. وقد بلغ القلق من هذا الملف حدًّا دفع الحكومه تكليف رئيس البرلمان إلى التوجه نحو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لطلب زيادة الإطلاقات المائية، لكن اردوغان وكعادته رابطً هذا الملف الحساس بقضايا شائكة أخرى، مثل صادرات نفط العراق الدي اوقفت تركيا ضخه عبر خط جيهان لتساوم بغداد رفع رسوم برميل النفط من دولار الى 6.7دولار وعدم مطالبه العراق بدفع انقره 1.3 مليار دولار غزامه ومد انبوب نفط مع القناه الجافه لكي تتصدق علينا ببعض الماء دون ان يستفز ذلك الراي العام والإعلام العراقي !!!
عام 1980، كان العراق يتمتع بواردات مائية وفيرة من نهري دجلة والفرات، حيث بلغت الكمية الإجمالية التي يحصل عليها من خارج حدوده # نحو 51 مليار متر مكعب سنويًا، توزعت بواقع 30 مليار متر مكعب من نهر الفرات و21 مليار متر مكعب من نهر دجلة. وكانت هذه الكميات تمثل التدفقات الطبيعية القادمة من دول المنبع، أي تركيا وسوريا وإيران، وتشكل المصدر الرئيسي للمياه السطحية التي يعتمد عليها العراق في الزراعة والشرب والصناعة.
لكن مع مرور الوقت، بدأت كميات المياه بالانخفاض تدريجيًا، خاصة بعد شروع تركيا في تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP)، والذي يتضمن إنشاء أكثر من 22 سدًا و19 محطة كهرومائية على نهري دجلة والفرات، أبرزها سد أتاتورك على الفرات (افتتح عام 1990) وسد إليسو على دجلة (افتتح بين 2018 و2020). وقد تسببت هذه المشاريع في خفض حاد في تدفق المياه إلى العراق، حيث انخفضت واردات نهر الفرات إلى 10–12 مليار متر مكعب سنويًا، أي بنسبة تزيد عن 60%، بينما انخفضت واردات دجلة إلى 9–12 مليار متر مكعب سنويًا، بانخفاض يقدر بين 40–50% حسب الموسم. وبذلك تقلصت حصة العراق المائية إلى ما بين 18 و24 مليار متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل أقل من نصف الكمية التي كان يحصل عليها عام 1980.
هناك سنوات جفاف وصل فيها مجموع الواردات إلى أقل من 17 مليار م³مع ملاحظة التغير المناخي، الذي قلل من الأمطار وزاد من التبخر.وسوء الإدارة الداخلية وهدر المياه في الزراعة التقليدية،
من جهة أخرى، ساهمت إيران أيضًا في تعميق أزمة المياه في العراق من خلال تحويل مجاري عدة روافد كانت تصب في نهر دجلة. ومن أبرز هذه الروافد: نهر الكرخة، نهر الوند، ونهر سيروان، والتي كانت تغذي مناطق حيوية في العراق مثل ديالى وواسط وخانقين. هذه التحويلات أدت إلى انقطاع مصادر مائية أساسية عن المناطق الشرقية، مما أثر سلبًا على الزراعة والمياه الصالحة للشرب.
تُعد هذه التغيرات في موارد المياه أحد أبرز التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العراق اليوم، لا سيما في ظل تفاقم أزمة التغير المناخي، وقلة تساقط الأمطار، وزيادة درجات الحرارة، مما يزيد من معدلات التبخر ويقلل من كفاءة الموارد المتبقية. كل ذلك يُنذر بأزمة مائية متصاعدة تحتاج إلى حلول دبلوماسية عاجلة واستراتيجيات إدارة مستدامة للمياه على المدى القريب والبعيد.•
Share this content: