
لن تسرقوا منا الحسين..لكم السلطة والقصور، ولنا بيوت الطين والعشوائيات والقبور. فمن هم الحسينيون حقاً… نحن؟ أم أنتم أيها المتاجرون بدمائنا والمتصارعون على العروش؟!
لن تسرقوا منا الحسين
إن حفر القبور التي تضيق بأجسادنا حين يضيق الوطن ويقل الناصرون، وحين ينهزم المخلصون ويتسيد الرعاع والفوضويون والمتعصبون المشهد، لا يترك مجالاً للشك بأن خط الاستواء بين الأمانة والخيانة، وبين الشرف والسقوط، وبين الرجولة وما دونها… خط وهمي.
لا تقحموا الحسين في صراعاتكم السلطوية
حسينُنا ثائرٌ لا يقف في طوابير الانتخابات، ولا يوزع الابتسامات أمام عدسات الكاميرات في مواكب الأربعين. إن التظاهر بخدمة الزوار بينما النية خبيثة، والهدف مقعدٌ أو نفوذ، خيانةٌ لدمه الطاهر. الحسين ليس غطاءً لمعارككم القذرة، ولا سلعةً في بازار السياسة. من أراد أن يخدمه، فليحمل همّ الفقير، ويمسح دمعة اليتيم، ويقف بوجه الظالم، لا بجانبه.
الحسين لم يوزع أراضي ولا ضياعاً ولا خيولاً على أصحابه، بل قال لمن يشك بقضيته: “ارحلوا في جنح الليل، فالموت مصيرنا”. ومع ذلك، تمسكوا به حتى آخر قطرة من دمهم. فكيف خرج من رحم هذه المدرسة رجال شيعة السلطة الذين وزعوا خزينة العراق وأموال شعبه لكسب الأصوات في الانتخابات؟!

الحسين ضحّى بنفسه وأهله وأصحابه من أجل الإصلاح، ورفض الخنوع والذل، ووقف بوجه أعتى سلطان جائر ليصرخ في وجهه: “هيهات منا الذلة”. أما أنتم، فصرتم عبيد السلطة والمحتل، تتسابقون على ولاء الأجنبي وتتنازلون عن موانئ العراق وسيادته، وتفرطون بثرواته التي نهبتموها بلا حياء.
الحسين سار إلى الشهادة ليحفظ كرامة الأمة، وأنتم سرتم إلى قصوركم لتبيعوا كرامة الوطن. هو افتدى الأمة بدمه الطاهر، وأنتم أفديتم كراسيكم ببيع دماء الشهداء. الحسين جعل من كربلاء منارة للأحرار، وأنتم جعلتم من العراق سوقاً مفتوحاً للفساد والنهب.
لقد رسمت كربلاؤك يا أبا عبد الله خطوطها العريضة بمداد الثورة الحقيقية، لكل الطبقات، ولكل البشر، ولكل المحرومين على هذه الأرض، ولكل الثوار والمصلحين الصادقين، لا لمن يدّعي الإصلاح وهو غارق حتى أذنيه في مستنقع الفساد، هو ومن حوله.
القضية الحسينية عنوانها الأسمى العدالة، والوطن أكبر من كل حزب وكتلة ومقعد برلماني. أنت يا سيدي أبا عبد الله رفضت كل ذلك بإصرار، واخترت الموت لتجعلنا أحراراً في دنيانا، لا عبيداً وتابعين.
بينما شيعة الحكم في العراق اليوم يتذابحون على السلطة التي شبهها أبوك بـ”شسع نعله”، أصبحت أنت منارة للسماء وفناراً لأهل الأرض، وبقي ساستنا يتصارعون على “النعال”، يهتفون “هيهات منا الذلة” وهم قد أذلوا الفقير والشريف، وأم الشهيد، وسرقوا بيت المال.
حسيننا ليس حسينكم.
انظروا إلى هؤلاء النسوة… إنهن أمهات شهداء المقاومة، أصحاب الحسين وأيتامهم. قولوا لي: هل سقط أحد من أبنائكم أو إخوتكم في معاركنا دفاعاً عن وجودنا وكرامتنا وعقيدتنا؟
لكم السلطة والقصور،
ولنا بيوت الطين والعشوائيات والقبور.
فمن هم الحسينيون حقاً… نحن؟
أم أنتم أيها المتاجرون بدمائنا والمتصارعون على العروش؟!

Share this content: