

حسني محلي: أميركا والغرب والصهاينة.. أي إسلام يحبذون؟
مع استمرار المجازر الصهيونية في غزة والعدوان على الضفة ولبنان لم يهمل الكيان الصهيوني عدوانه المستمر على الأراضي السورية كافة بما في ذلك رئاسة الأركان القريبة من القصر الجمهوري.
كان الغرب الإمبريالي والصهاينة وما زالوا يقولون إنّ “حماس منظّمة إسلامية متطرّفة وإرهابية”، معتبرين ذلك مبرّراً للقيام بما قاموا ويقومون به ضد هذا التنظيم منذ قيامه أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، حيث تمّ اغتيال مؤسسها الشيخ أحمد ياسين ومعظم قياداتها في الداخل والخارج وآخرهم إسماعيل هنية في طهران ويحيى السنوار في غزة.
وتحجّج الكيان العبري وبدعم من الغرب الإمبريالي “بتطرّف حماس الإسلامي” فقام بما قام به ضد الشعب الفلسطيني في غزة أولاً، وبالتالي الضفة الغربية بحجة أنّ البعض من سكانها يتعاطفون مع حماس التي يعتبرها الكيان العبري ومن معه مبرّراً لعدوانه الهمجي الغادر الأخير والمستمر على غزة منذ طوفان الأقصى.
وتحجّج الكيان العبري أيضاً بدعم حزب الله لحماس “المتطرّفة”، واعتبر الكيان أنّ الحزب عدوّه الأهمّ منذ اليوم الأول لقيامه إلى أن شنّ عدوانه الأخير على لبنان واستهدف قيادات الحزب، وفي مقدمتهم أمينه العام السيد حسن نصر الله وعدد كبير من رفاقه الشهداء.
ومن دون أن يمنع موقف الكيان العبري هذا “تل أبيب” ومن معها في العواصم الغربية والإقليمية من دعم كلّ المنظّمات والأحزاب والقوى والجماعات والفصائل “الإسلامية المتطرّفة المصنّفة إرهابياً”، والتي كانت تقاتل ضد “نظام الأسد” في سوريا وفي مقدّمتها “داعش” والنصرة أي هيئة تحرير الشام وحليفاتها.
ولم يكتفِ الكيان العبري بذلك بل قام بتقديم كلّ أنواع الدعم لمسلحي هذه المجموعات “الإسلامية المتطرفة الإرهابية” حيث كان “الجيش” الإسرائيلي يقوم بنقل جرحى هذه المجموعات إلى الداخل الإسرائيلي عندما كان الجيش السوري يحاصرهم في الجبهات الجنوبية في الفترة 2014-2018.
وزار رئيس الوزراء نتنياهو هؤلاء المسلحين والبعض منهم من جبهة النصرة عندما كانوا يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، فيما قامت المروحيات الإسرائيلية في 22 تموز/يوليو 2018 بنقل 800 من عناصر منظّمة الخوذ البيضاء من الجنوب السوري عندما كانوا محاصرين من قبل الجيش السوري.
وتمّ نقل هذه العناصر من “إسرائيل” إلى الأردن ومنها إلى بريطانيا مقر هذه المنظّمة التي أسسها جهاز المخابرات البريطانية MI6 وتمّ تعيين مديرها رائد الصالح الذي يحمل الجنسية البريطانية وزيراً للطوارئ والكوارث في حكومة أحمد الشرع.
ومع استمرار المجازر الصهيونية في غزة والعدوان على الضفة ولبنان لم يهمل الكيان الصهيوني عدوانه المستمر على الأراضي السورية كافة بما في ذلك رئاسة الأركان القريبة من القصر الجمهوري، والذي بدأه منذ اليوم الأول لسقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر .
ومن دون أن يكون هناك أيّ ردّ فعل نظري أو عملي من حكّام دمشق الجدد أي قادة النصرة والفصائل الحليفة لها على هذا العدوان طالما أنهم كانوا ملاحقين في أميركا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والعالم برمّته باعتبارهم من قيادات أو عناصر “تنظيم إسلامي متطرّف وإرهابي”.
مع التذكير أنّ هذه القيادات والعناصر سكتوا جميعاً طيلة السنوات الماضية على جرائم الصهاينة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، كما هم تآمروا بشكل مباشر وغير مباشر ومن منطلقات طائفية مفتعلة ضدّ المقاومة الإسلامية ضمن خطط إمبريالية صهيونية خطيرة.
وتورّط فيها معظم حكّام المنطقة الذين كانوا وما زالوا أدوات خبيثة لهذه الخطط التي تخدم الكيان الصهيوني تارة باسم “الإسلام المعتدل” وأخرى باسم “الإسلام المتطرّف الإرهابي”، كما هو الحال بالنسبة لحكّام دمشق الذين كانوا جميعاً حتى الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي إرهابين بالنسبة للغرب الإمبريالي والصهاينة.
ومن دون أن يمنع ذلك الصهاينة من الحوار المباشر مع هؤلاء الحكّام وبتوصية من المندوب السامي الأميركي توم برّاك وبضوء أخضر من عواصم المنطقة، وفي مقدّمتها الرياض وأنقرة والدوحة وأبو ظبي التي أدّت دوراً أساسياً في إيصال هؤلاء “الإسلاميين المتطرّفين الإرهابيين” إلى السلطة في دمشق.
وتسعى الآن ـــــ أي دمشق ـــــ لتلبية توصيات ومطالب وأوامر هذه العواصم رغم تناقضاتها التي تخدم وباسم “الإسلام المعتدل والمتطرّف والإرهابي” مصالح ومشاريع الكيان الصهيوني “اليهودي المتطرّف الإرهابي”.
ويعرف الجميع أنّ ما سعى ويسعى إليه الاحتلال منذ قيامه على الأرض الفلسطينية هو استخدام أدوات “الإسلام المعتدل والمتطرّف والإرهابي” وتسخيره خدمة لمشاريعه الدموية دينياً وتاريخياً وأسطورياً وفق العقلية الصهيونية التي لا يهمّها شكل ومضمون أدوات الإسلام السياسي إن كان متطرّفاً أو معتدلاً، فالمهم هو أن يكون الكلّ في خدمته. وليكون “الإسلام المتطرّف منه والمعتدل” أداة عملية تساعد اليهود المتطرّفين الإرهابين لإحكام سيطرتهم على المنطقة ليس فقط ضمن حدود أرض الميعاد بما فيها مكة المكرمة والمدينة المنورة بل المنطقة برمّتها بكلّ تاريخها الطويل عربياً وتركياً وفارسياً بل وحتى كردياً، وأياً كانت مذاهبهم من السنة والشيعة وكلّ الطوائف الدينية والمذهبية الأخرى.
وفي نهاية المطاف يبقى الرهان على فهم الأوساط السياسية في الدول العربية والإسلامية ومثقّفيها لحقائق الواقع المفروض عليها، وهي واضحة كوضوح الشمس من قبل أنظمتها المتواطئة مع الغرب الإمبريالي والصهاينة الذين لا يبالون بهوية هذه الأنظمة وأدواتها مهما كانت معتدلة أو متطرّفة أو إرهابية طالما هي تخدم مصالحها التي تحقّقت حتى الآن بفضل هذه الأدوات التي أثبتت طيلة السنوات الماضية، وبشكل خاص بعد ما يسمّى بـ “الربيع العربي”، أنها وباسم الإسلام كانت وما زالت الخطر والعدو الحقيقي للإسلام والمسلمين أياً كانوا من السنة والشيعة ومعهم كلّ الشرفاء والمخلصين لأوطانهم ودياناتهم ومذاهبهم من مختلف أطياف المسيحيين والمذاهب والقوميات الأخرى.
حسني محلي
باحث علاقات دولية ومختصص بالشأن التركي
عراقي عربي مسلم متعلم في سبيل النجاة مهتم بالشان السياسي والقانوني مستشار قانوني ادارة موقع الشبكة من اجل ثقافة قانونية والخبر الصحيح ادارة عراق المودة لاستضافة المواقع