البيان الأخير للمقاومة في غزة هو إعلان قوة واستراتيجية يظهر طرفًا ثابتًا على ثوابته، وفي الوقت ذاته مرنًا تكتيكيًا، قادرًا على المناورة بين الضغوط الدولية والتهديدات الإقليمية. هذا المزيج من الحزم والمرونة يمنح المقاومة أفضلية واضحة فهي تحمي أرضها ومبادئها، وتفتح الأبواب للتفاهم على ما لا يمس جوهر القضية، وتغلق كل مسارات الابتزاز السياسي.

البيان يوجه رسائل مزدوجة ثابتة لـ الداخل الفلسطيني في الوحدة والمقاومة الوطنية
وللـ الخارج يقرأ التزامًا بااي تفاوض يخدم غزة وهذا خطاب عقلاني ومسؤول يصعب تشويهه أو تصويره كطرف يرفض أي وساطة.
كل كلمة محسوبة كل جملة تبني موقفًا، وكل عبارة تحصن الأرضية الوطنية.

أكثر من ذلك، البيان حوّل الضغط الظاهر إلى ورقة قوة تفاوضية بدل أن تظهر المقاومة تحت وطأة الحصار والاعتداءات تقدم نفسها طرفًا صاحب المبادرة يقرر، يخطط، ويوجه مسار الأحداث. هذه النفسية المعكوسة تجعل أي رفض لنقاط حماس وردها مستقبلاً ذا قيمة استراتيجية أعلى، ويضاعف تأثيره النفسي على الكيان الصهيوني.

في جوهر البيان استراتيجية تتمسك بالأرض، يدافع عن الثوابت، يكسب الشرعية الدولية، يرسل رسائل نفسية مركبة، ويبني تحالفات مستقبلية لصالح المقاومة. هو شهادة على قدرة غزة على الصمود، وعلى أن الكلمات يمكن أن تكون سلاحًا، والمرونة تكتيكًا، والحزم قوة.

المقاومة هنا ليست مجرد رد فعل بل مشروع مستقبلي يُبنى بالاستراتيجية والصبر والإرادة. بيان واحد، لكنه يعكس إرادة شعب كامل وقوة لا يمكن تجاهلها.

عبدالخالق دعبوش/ كاتب يمني