×

ريم السيد : متقلب الود لا يؤتمن

اخر الاخبار والمواضيع

ريم السيد : متقلب الود لا يؤتمن

صباح يوم عقد القران نشب بيننا خلاف لأسباب عادية طالما تحدث بين الكثيرين من اختيارات ألوان الشقة وما إلى ذلك ، ولم أكترث لها وقلت هذه مسائل بسيطة واستمر الترتيب في بيتنا لتلك المناسبة لكن جاء الموعد ولم يأتِ لا هو ولا أهله ، لأكتشف أنه قد حظرني على مواقع التواصل كيلا أستطيع الوصول إليه ولم أفهم أبدًا ماذا حدث ، وبالطبع كان الجميع من الجيران يتحدث عن تلك الواقعة من همز ولمز عن الفتاة التي تركها خطيبها يوم عقد قرانها !
في صباح اليوم التالي أرسلوا لنا أحد أقاربهم يطلب كل هداياه والذهب ، لم تُحاول أمي الاستفسار عن شيء خاصة بعد صدمة الأمس ، وأعطتهم كل شيء وراحوا يُطلقون الإشاعات علينا بأسوأ الكلام ، كانت فترة قاسية وصدمة كبيرة أقعدتني الفراش لأيام وانطفأت تمامًا لكن كانت أمي إلى جانبي ولم تتركني حتى بدأت أتعافى خاصةً وأنها تعرف أني أحبه .
وبعد فترة زارتنا أمه وهي تعتذر عن تصرفات ابنها الذي يريد الوصل من جديد وقد هدأ من نوبة الانفعال فهو لا يحب أن يُناقشه أحد في قراراته بشأن شيء ! ، كنت أقف خلف الباب أحاول الاستماع وقد بدأ الأمل يعود إليّ بشأن العودة لخطيبي وإتمام زواجنا ، انتبهت أمي لوقوفي وقرأت نظرة الأمل والود في عيني فعرفت أني لا أمانع في الرجوع ، قالت أمي :
-وكيف ذلك ؟ ابنتي لم تفعل شيئًا سوى أن ناقشته في ألوان الغرف فكان عقابها الكلام السيء في أخلاقها وتركها يوم عقد القران .
ضحكت أمه محاولة تدارك الموقف :
=وهو الآن يريدها ويعرف أنه قسا عليها لتتعلم من الخطأ ولا تجادله في قراراته ، ليُقام الزواج في موعده بعد شهر .
أنهت أمي المقابلة حاسمة أمرهاوهي تقول :
-ابنتي لم تُخطئ سوى في حزنها على خطيب مثله ، ابنك لا يُؤتمن ، فعل بها هذا لمجرد خلاف بسيط فماذا يفعل بها لو تزوجته وناقشته في أمر ما ! هل نُزوج بناتنا ليُهانوا ويتم تركهم ونبذهم في لحظة الخلاف ! ، ابنك مُتقلب ود لا يُؤتمن ولا يستطيع مُداواة الأمور ولا يعرف مايُسببه انفعاله للآخرين من انكسار .
تواريت سريعًا وذهبت لغرفتي باكية فكيف تقسو أمي عليّ لهذه الدرجة ، خرجت المرأة من بيتنا تغمغم بكلمات غير مفهومة وقد استشاطت غضبًا بينما دخلت أمي لغرفتي وبمنتهى الهدوء همست :
-لا يُؤتمن من يتقلب وده ويهجر لمجرد الخلاف ويلقي على الآخرين بأخطائه لمجرد اقتناعه أنه لا يُخطئ وأنه المعنيّ باتخاذ القرارات دون غيره ممن يشاركونه الحياة فارضًا عليهم قراراته وحده .
ابتلعت ريقي بصعوبة :
=لكنه اعتذر ولا أُمانع في المُسامحة فطالما عاد إذًا هو يحبني .
ابتسمت أمي وهي على نفس نبرتها من الهدوء :
=الحب لا يكون بالهجر عند الخلاف ، ولا بالقطيعة حد الفظاعة والجرح ، ولا السماح بالخوض في السُمعة ، أنتِ صغيرة والحمد لله أن هذا حدث قُبيل زواجك وإلا لردّك إليّ عند أول خلاف ، ولرأيتِ معه الحزن الكثير عند غضبه وتقلبه ، الحب أن نُمسك أنفسنا عند الغضب ، الحب مُشاركة ، قد لا تستوعبين خوفي وحبي لكِ لكن ستعلمين لاحقًا أن هذا الأفضل .
الحقيقة أنهم مالبثوا أن عادوا يقولون أسوأ الكلام عنا وكم التكبر والغرور فينا لمجرد رفضنا الوصل مع أنه حق طبيعي ، وقتها فقط فهمت كلمات أمي وأنها كانت مُحقة كل الحق في تصرفها .#ريم_السيد
الحياة مُشاركة تحتاج المشاورة والاقتناع والوصول لنقطة ترضي الأطراف ، الودود هو من لا يتقلب وده وحبه حد الفراق .
بقلم / ريم السيد Reem Elsayedري

Share this content:

عراقي عربي مسلم متعلم في سبيل النجاة مهتم بالشان السياسي والقانوني مستشار قانوني ادارة موقع الشبكة من اجل ثقافة قانونية والخبر الصحيح ادارة عراق المودة لاستضافة المواقع

ربما تكون قد فاتتك