قصيدة الراحل السيد محمد حسين فضل الله طيب الله ثراه (هنا يقف الخاطر الملهم)
هنا يقف الخاطر الملهم
ويسكت فيه ويستسلمُ
ويسترجع الطرف عن قصده
فيغشى ، فينهل منه الدم
هنا حيث يرقد رمز الإبا
وقطب الهدى المنقذ الأعظمُ
يفيض على الكون من روحه
حناناً متى راح يسترحم
ويرسل أنواره في الفضا
فيشرق عالمنا المظلمُ
وينشر فينا تعاليمه
ولكن بفيض الدما ترقم
هنا حيث يرقد سر الاله
وحيث الهدى من أسى مفعم
ترى الحق كيف ارتقى واستطال
فتعلم ما لم تكن تعلمُ
وتلمح في جنبات الضريح
دماء الشهادة إذ تلثم
وقد قام من حوله الزائرون
ونار الأسى في الحشا تضرم
وقد عكفت حوله النائحات
فهذي تضج وذي تلطم
فتحسبه كعبة المسلمين
وكل فتى منهم المحرم
هنا سجلت للهدى صفحة
من الحق ما خطها مرقم
تلاها على الكون سبط النبي
فشع بها المنهج الأقوم
وأرسلها في الهدى دعوةً
تبين الصوابَ بما ترقم
وشيد صرح الهدى بعدما
أزال قواعده المجرم
وعلمنا كيف تفدى النفوس
وكيف يموت الفتى المسلم
وكيف تراق دماء الابي
تجاه العقيدة إذ تهضم
ويا نهضة خلدتها السنون
ودار بها الفلك الأعظم
أعيدي على مسمع الكائنات
حديث الأباة وما قدموا
عسى يعلم النفر الجاهلون
بما استنكروه وما استعظموا
وما زعموا فيه أن الرواة
قد أخروا فيه أو قدموا
أعيدي فعندك فصل الخطاب
وعندك يستوضح المبهم
وقدست عن أن يحيط الخيال
بذاتك خُبْراً ويستعلم
مثلتُ إليك امام الضريح
فلاح لعيني ما يؤلم
وقبلتُ فيه دما زاكياً
أريق وقد راح يستظلم
ورتلت ذكراك حيث ارتوى
بها العقل و الخاطر الملهمُ
ومرت على خاطري الذكريات
تبين الحديث فيشدو الفم
وأرسلت طرفي نحو الضريح
لأنظر ما ضمَّ أو يكتم
فرد وقد فاض عن مدمع
هو الدر كلله العندمُ
تراءت له وسطه جثةً
هوت فوق منحرها الأنجم
وقد ضرجت بنجيع الدما
وقد ركزت وسطها الأسهم
وأبصرت طفلاً كزهر الربيع
تفتح عن نوره البرعم
غفا فوق صدر كأن السهام
عليه طيور المنى حوّم
وراحت تقطع أوداجه
وتقسو عليه فيسترحم
سهام يسددها الظالمون
فتجذم منهن ما تجذم
فرن بأذني صدى مرسلٍ
من القدس لكنه مبهم
هنا حيث يرقد سر الاله
وحيث الهدى من أسى مفعم
ورحت إلى حيث يجري الشباب
نزيفاً إلى الله يستظلم
فأبصرت فيه كغصن الرياض
فتى جذ أشلاءه المخذم
تهاوت على ساعديه النبال
وراحت تضج وتستطعم
وأهوت على صدره تشتكي
ظماها فروى حشاها الدم
فيا نهضة الحق ثوري فقد
أبيح الحرام وكُمَّ الفم
وساد الفساد فلا مصلحٌ
يرجّى هناك ولا مسلم
وجار على الشعب حكامه
ولم يبق في القوم من يرحم
وراح الضعيف بآلامه
يئن وليس له بلسم
وأخرس ذاك اليراع الجريء
ولم يبق ينفع إلا الدم
أعيدي على الكون يوم الابا
بجيش يفل ولا يهزم
لتخفق فوق الملا راية
يوحدها الحق إذ يقدم
ويزهو بها العدل مستعلياً
ويعلم من قد عتوا من همُ
Share this content:


