×

العقيد/ أمين حيان: غزّة بين مطرقة الإبادة وسندان التجويع

اخر الاخبار والمواضيع

العقيد/ أمين حيان

العقيد/ أمين حيان: غزّة بين مطرقة الإبادة وسندان التجويع

في غزة، لم يعد الموت حدثًا نادرًا، بل صار نظامًا يوميًّا وعلى مدار الساعة..
روتينًا دامغًا يفتتح الصباح بقصف، ويختم الليل بجنازة.
في كل زاوية قصةُ فَقْد، وفي كل شارع جنازة..!

حتى الخبز. إن وجد صار مشبوهاً… وربما مفخخًا.
شِراكُ المساعدات التي نصبتها أمريكا، تحمل في الظاهر شارة الإنقاذ، والتي لا تعدو كونها كمائن موت ومصائد لقتل من لم تصل إليه حمم الطائرات الصهيونية وقنابلها المحرمة دولياً.
نحن لا نتحدث عن حرب تقليدية… بل عن إبادةٍ منظمة، ترتدي أقنعة إنسانية، وتبثّ موتها على مرأى ومسمع من العالم بأسره.

650 يومًا من المجازر، والعالم يطالع تقارير الطقس
منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم في يوليو 2025، تحوّلت غزة إلى محرقة حيّة..بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة غزة، تجاوز عدد الشهداء 58,300 شهيد، بينهم حوالي 19,000 طفل وأكثر من 13,000 امرأة.
الكارثة الحقيقية ليست في الأرقام وحدها.. بل في تحوّل المجازر إلى أرقام معتادة.
العالم يتناول أخبار المجازر كما يتناول حالة الطقس: اليوم قُصف حيّ الشجاعية… وغدًا ربما رفح… ونهاية الأسبوع، هدنة مؤقتة على الورق.

المساعدات… تقطف رؤوس المنتظرين
هل رأيت من قبل معونات تقدم الموت لا الحياة؟

هذا ما يحدث في غزة.
بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة غزة ارتفع عدد ضحايا المساعدات قرب مصائد الموت إلى 995 شهيداً و6,011 إصابةً و45 مفقوداً، بينهم أطفال ونساء، استشهدوا وهم يمدّون أيديهم للغذاء.
الغرب لا يرسل خبزًا… بل يرسل شهادة وفاة بطعم بسكويت مغلف بعلم إنساني.

أمريكا تدعم… والبقية تُصفّق
بينما يتضوّر أهل غزة جوعًا، تضخّ الولايات المتحدة مليارات الدولارات لدعم آلة القتل الإسرائيلية.

21.7 مليار دولار دعماً عسكريًا مباشرًا منذ بداية الحرب.
72 ألف طن من الذخائر خلال 20 شهرًا.
17 صفقة تسليح عام 2024 فقط، شملت قنابل عنقودية وصواريخ متطوّرة.
أما ألمانيا فقد خصصت 4.8 مليار يورو دعمًا لوجستيًا وعسكريًا، بينما فرنسا تطلّ عبر مناشداتٍ ناعمة، وهي ترسل بارجاتها لحماية السفن الإسرائيلية.
هذا ليس تواطؤًا… بل شراكة موثقة بالدم.

التخاذل العربي.. صمتٌ يُجهز على من بقي حيًّا
الصورة العربية أكثر بؤسًا، لأن الجرح هنا من الداخل.
المساعدات العربية الشهرية لم تتجاوز 1.8% من الحاجة الفعلية، رغم أنها متعثرة ويمنع العدو دخولها إلى قطاع غزة.

الإعلام الرسمي يُشيطن المقاومة، ويغضّ الطرف عن المحارق اليومية.
ولعلّ الكارثة الأدهى، أن مصادر من الداخل كشفت عن تسريبات استخباراتية وصلت للاحتلال عبر أطراف عربية، وأن جداول شحنات الوقود يتم تحديدها من دول عربية لا من غزة ولا من تل أبيب.
لقد صار العرب، للأسف، جزءًا من معادلة الحصار… ومن معادلة القتل.

المجاعة.. سلاح من نوع آخر
لم يعد الجوع عرضًا جانبيًّا للحرب… بل صار سلاح إبادة صامت.
2.3 مليون فلسطيني تحت خط الجوع الحاد.
92% من السكان لا يحصلون على وجبتين يوميًا.
خلال 24 ساعة فقط، توفي 18 شخصًا جوعًا، ليصل العدد الإجمالي للوفيات بسبب المجاعة إلى 86 شخصًا، بينهم 76 طفلًا..
هذه ليست أرقام تقارير… هذه أسماء كتبت على أجساد هزيلة تُكابد الرمق الأخير.

لا سلام في ظل التجويع… ولا كرامة لمن يُبرّر الصمت.
غزة ليست مجرّد جرح… بل امتحان أخلاقي للعالم.
فيها تنكشف الأقنعة: من يدّعي الإنسانية، من يبيع المقاومة، من يتآمر بعباءة الشفقة.
الغرب موغِل في دم الأطفال، بينما العرب – إلا من رحم ربي – يتقنون فنّ الحياد في زمن لا يرحم المتفرجين.
لكن رغم كل شيء… غزة لم تنكسر، ولن تنكسر
الجائع هناك لا يستسلم، بل يربّي في أمعائه ثورة.
والشهيد لا يموت، بل يُعاقب العالم بحياته.
غزة… ستبقى تُشعل ضوء الضمير، مهما غطّاه رمادُ التواطؤ.
وستُعلِمنا دائمًا أن الخبز قد يكون قنبلة، وأن الصمت خيانة… وأن العروبة، حين تخذل، تصبح عورة.

Share this content:

عراقي عربي مسلم متعلم في سبيل النجاة مهتم بالشان السياسي والقانوني مستشار قانوني ادارة موقع الشبكة من اجل ثقافة قانونية والخبر الصحيح ادارة عراق المودة لاستضافة المواقع

ربما تكون قد فاتتك